النباتات الطبية والعطرية … فرص استثمارية واعدة
كنوز تنتشر فى الصحراء المصرية تنتظر من يستثمرها … وثروة هائلة من النباتات الطبية والعطرية … آلاف الأنواع التي حبانا الله بها … سواء المزروع منها أو البرى الذي ينمو تلقائياً في سيناء والصحراء الشرقية والغربية … وتشكل هذه الثروة فى مجملها قيمة اقتصادية كبيرة … حيث يزداد الطلب عليها محلياً وعالمياً … لما تتميز به من استخدامات متعددة وفي الكثير من المجالات … مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وزيادة عوائد تصديرها … ويضاف إلى ذلك أن هذا الكنز الاستراتيجى المصري يمكنه المساهمة فى الوصول إلى اكتفاء ذاتي وإلى إنتاج دواء مصرى بنسبة 100% .
وفى الوقت الذى تتحرك فيه مصر نحو بناء اقتصاد قوى ، يستثمر كل إمكاناته بفكر متطور وخلاق ، كان لابد من النظر إلى هذا المورد الهام برؤية جديدة ، حيث لا تتوقف القيمة الاقتصادية للنباتات الطبية والعطرية على كونها محصولاً تصديرياً داعماً للدخل القومى ، بل هى مشروع اقتصادى متكامل يفتح المجال لإقامة العديد من الصناعات التى ترتبط بهذه المنتجات الزراعية ، مما يساهم فى توفير فرص عمل كبيرة للشباب ، خاصة وأن مصر تمتلك مقومات التوسع فى هذا المجال … وقام بالفعل العديد من المراكز البحثية المتخصصة بوضع مشروع قومي للنهوض بزراعة النباتات العطرية والطبية ، من أجل التوسع في المساحات المزروعة بمصر ، لتصبح 250 ألف فدان بحلول عام 2030 .
النباتات الطبية والعطرية :
تعتبر النباتات الطبية والعطرية من أقدم المجموعات النباتية التى عرفها واستخدمها الإنسان على مر العصور فى أغراض شتى ، فكانت تارة تستخدم كغذاء وتارة أخرى كدواء … وفى العصور الوسطى و الحديثة ظهر جلياً للعيان مدى أهمية هذه النباتات ، وتعددت استخداماتها ومجالات الاستفادة منها،لذلك أصبحت أهميتها الاقتصادية فى تزايد مستمر .
ويعرف النبات الطبى بأنه النبات الذى له أو لجزء من أجزائه تأثير طبى على الإنسان ، ويميزه عن النباتات الأخرى وجود مواد فعالة ذات تأثير فسيولوجى على الكائنات الحية … أما النبات العطرى فهو النبات الذى يحتوى فى جزء من أجزائه على زيت عطرى .
ثروة من النباتات الطبية البرية فى مصر :

المصريون القدماء … واستخدام النباتات العطرية والطبية :
ومن الزهور المعروفة عند المصرى القديم :
أهمية النباتات الطبية والعطرية :
وتتعدد المجالات التى يمكن أن تستخدم فيها النباتات الطبية والعطرية ، ومن أهمها :
مزايا اقتصادية متعددة … و مورد واعد للدخل القومى المصرى :
تحديات تعوق الصادرات المصرية :
مقومات تعزز فرص مضاعفة إنتاجنا من النباتات الطبية والعطرية :
انتاج مصرى متميز :
يتميز الانتاج المصرى من النباتات الطبية والعطرية بالتنوع ، وينقسم إلى عدة مجموعات … ويتم الاستفادة من مكوناته على النحو التالى :
الحبوب العطرية :
يطلق اسم مجموعة الحبوب العطرية على النباتات التى تنتج حبوباً تحتوى على زيوت طيارة … وبشكل عام تعتبر الكزبرة – الكمون – الكراوية – الينسون – الشمر – حبة البركة أهم الأنواع التى تنتج بصورة اقتصادية فى مصر طبقاً للمساحات المنزرعة .
الورقيات :
يطلق اسم الورقيات على مجموعة النباتات التى يكون الجزء الاقتصادى منها هو الأوراق. ويعتبر البردقوش – العطر – النعناع – الريحان – الزعتر أهم الأنواع التى تنتج بصورة إقتصادية فى مصر طبقاً للمساحات المنزرعة .
الزهور :
ويطلق اسم مجموعة الزهور أو أجزائها على مجموعة النباتات التى يكون الجزء الاقتصادى منها هو الأزهار الكاملة أو أجزائها مثل البتلات أو السبلات … ويعتبر البابونج – الكركديه – القرطم – الأقحوان ( الكلانديولا ) – التاجيتس ( القطيفة ) أهم الأنواع التى تنتج بصورة إقتصادية فى مصر طبقاً للمساحات المنزرعة .
الجذور :
ويطلق اسم مجموعة الجذور على النباتات التى يكون الجزء الاقتصادى منها هو الجذر أو ما يشابهه … ويعتبرالمغات – العرقسوس أهم الأنواع التى تنتج بصورة اقتصادية فى مصر طبقاً للمساحات المنزرعة .
البذور الزيتية :
يطلق اسم مجموعة البذور الزيتية على النباتات التى يكون الجزء الاقتصادى منها هو البذرة … ويعتبر القرطم – الخروع – الخردل أهم الأنواع التى تنتج بصورة اقتصادية فى مصر طبقا للمساحات المنزرعة .
المساحة المزروعة … بين الواقع والمستهدف :
تختلف مساحة الأراضي التي تتم زراعتها في الوادي والدلتا بالنباتات الطبية والعطرية من عام إلى آخر ، وهى تتراوح ما بين 60-90 ألف فدان ، وقد بلغت طبقاً لإحصائيات عام 2009 نحو 86 ألف فدان ، منها نحو 55 ألف فدان من الأراضى القديمة ، و31 ألف فدان من الأراضى الجديدة ، هذا بالاضافة إلى المناطق التى تنمو فيها الأعشاب الطبية بشكل فطري في المناطق الصحراوية عقب مواسم سقوط الأمطار ، والتى لا يمكن حصر مساحتها … وتستهدف خطة الدولة التوسع في المساحات المزروعة بمصر ، لتصبح 250 ألف فدان بحلول عام 2030 … وتعتبر الكزبرة والبابونج والبردقوش والريحان والكراوية والكمون والعتر والشمر والشطة والينسون والنعناع البلدى والحناء والنعناع الفلفلى والشبت والكركديه من أهم المحاصيل الطبية والعطرية المزورعة من حيث المساحة … وحول الخريطة الزراعية للنباتات الطبية والعطرية تحتل محافظات مصر الوسطى المركز الأول “كالمنيا وأسيوط وبني سويف والفيوم”، تليها في المركز الثاني محافظات مصر العليا ، ثم محافظات وجه بحرى في المركز الثالث فى حين تحتل محافظات أخرى خارج الوادى المركز الأخير … وتعتبر الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسيناء عواصم عريقة لزراعة النباتات الطبية والعطرية ، أما أراضي الاستصلاح الجديدة في توشكى والنوبارية وشرق العوينات ودرب الأربعين وغيرها ، فهي أماكن واعدة لهذه الأنواع من النباتات ، خاصة التي تزرع دون استخدام كيماويات وتستخدم طرق الري الحديثة ، وقد أصبح انتاجها يلقى رواجاً فى الأسواق الأوروبية … وتتربع بني سويف علي عرش النباتات الطبية في مصر ، وخاصة في مراكز ناصر والواسطي وببا وسمسطا ، وعلي مساحة تزيد عن 10 آلاف فدان حيث تعرف المنطقة بأنها المنطقة الأوروبية لشهرتها بتصدير النباتات العطرية ، ويزيد حجم انتاجها عن 50% من الانتاج القومي .
تجربة مصرية رائدة تفتح أبواب الأمل :
على بعد 90 كيلومتراً جنوب غرب القاهرة تقع قرية “منشأة سكران” … والتى نجحت فى القضاء على البطالة بزراعة الزهور وتصديرها ، حيث بدأت التوسع في زراعة الزهور عام 1990 ، ونجحت في التفوق على قرى سبقتها في هذه الزراعة ، لتصبح ثاني أكبر تجمع لزراعة وتصدير النباتات العطرية في مصر ، وتقدر المساحة المنزرعة بنحو 1500 فدان ، زرعت بنباتات طبية وعطرية ، والقرية تنتج أكثر من سبعة أطنان من النباتات العطرية والطبية ، تصدر منها ما يقرب من 90 بالمئة ، وتستحوذ ألمانيا على النصيب الأكبر تليها فرنسا وأمريكا وهولندا واليابان … وقد نجح أصحاب الأراضي فى هذه القرية فى وضع معادلة لنظام العمل تبدو عادلة من وجهة نظر كثيرين ، حيث يقتسمون الإنتاج مع العامل ، فيتحصل الملاك على ثلث الإنتاج ، والباقي يذهب للعمال والفلاحين ، وبهذا يضمن صاحب المزرعة عدم انصراف العامل عنه ، ويضمن الأخير دخلاً كبيراً يسد جزءاً مهماً من احتياجاته … وعندما وجدوا العائد المادي لهذا النوع من الزراعة كبيراً ، تحولت جميع الأراضي في القرية لزراعة الزهور … كما ساهم هذا النشاط فى توفير المزيد من فرص العمل ، حيث لم يتوقف الأمر على الزراعة فقط ، فهناك من يقومون بالجني والتجفيف والتغليف والبيع والتصدير … وتبلغ تكلفة الفدان نحو 17 ألف جنيه سنويا ، وبالرعاية والاهتمام يدر ربحاً يصل إلى 34 ألف جنيه .
أساليب إنتاج النباتات الطبية :
تتنوع أساليب إنتاج النباتات الطبية والعطرية ، وكلما تم الاعتماد على الزراعة العضوية والنظيفة ،تزايد الطلب وفرص التصدير،وتتحدد هذه الأساليب فيما يلى :
أولا : الأسلوب التقليدى :
يعتمد الأسلوب التقليدي على قيام المزارع بجميع عمليات الزراعة التقليدية كما يستخدم الأسمدة و المبيدات الكيماوية ويستخدم كذلك منظمات النمو الكيماوية ، ويتميز هذا الأسلوب بأنه بسيط وسهل ومنخفض التكاليف ، ومن عيوبه أنه لا يصلح فى حالة طلب منتجات خالية من متبقيات المبيدات والأسمدة للتصدير .
ثانيا : أسلوب الزراعة الحيوية :
يعتمد أسلوب الزراعة الحيوية على قيام المزارع بجميع عمليات الزراعة التقليدية إلا أنه لا يستخدم الأسمدة الكيماوية ويستعيض عنها باستخدام التسميد العضوى والحيوى ، ولا يستخدم كذلك المبيدات الكيماوية لمكافحة الآفات ، وإنما يستخدم المواد غير الملوثة للبيئة ذات الأصل العضوى ، والكائنات الحية مثل الخميرة وغيرها … ومن مميزات هذا الأسلوب أنه بسيط وسهل ومنخفض التكاليف ، ومن عيوبه انخفاض المحصول فى السنوات الأولى لتطبيقه .
ثالثا : أسلوب الزراعة العضوية :
يعتمد أسلوب الزراعة العضوية على قيام المزارع بتسجيل مزرعته فى إحدى الشركات أو الاتحادات التى تتولى إرشاده لأساليب الإنتاج والحصاد و التعبئة و غيرها ، كما تساعده فى تسويق المنتج نظير دفع رسوم تسجيل ومتابعة وإشراف ، كما تقوم بمنحه شهادة تسجيل دولية لمزرعته … ومن مميزات هذا الأسلوب ضمان تسويق المنتج ، وتسجيل المزرعة دولياً … ومن عيوبه أنه يتطلب بعض شروط خاصة مثل توافر رأس ماشية لكل فدان ، ووجود سور أشجار يحيط بالمزرعة ، ومرور ثلاثة أعوام على الأقل لا تستخدم فيها الأسمدة والمبيدات الكيماوية فى حالة الأراضى القديمة ، وستة أشهر فى حالة الأراضى الجديدة .
دعوات لزراعة النباتات البرية :
انتشرت في مصر مؤخراً دعوات لزراعة النباتات البرية ذات الفائدة الطبية والبيئية ، حيث تبنت وزارة البيئة المصرية الحث على زراعة شجرة النيم المعروفة باسم صيدلية القرية … وهي شجرة هندية الأصل ، يوجد منها بمنطقة الدلتا في مصر 4 آلاف شجرة … وفي نفس السياق قامت الجمعية المصرية للنباتات الطبية بتبني حملة لزراعة النباتات البرية الطبية والعطرية مثل النعناع والبردقوش والزعتر والحرجل والرتن والاهليج في المناطق الصحراوية ، بهدف تنميتها من جهة والحفاظ على هذه الأنواع من النباتات الطبية النادرة من جهة أخرى وذلك عن طريق زرع شتلات منها في مناطق صحرواية مختلفة .
خاتمة :
وأخيراً … يمكننا القول أن مشروعات زراعة النباتات الطبية والعطرية هى مشروعات ذات مزايا متعددة … وأن مصر في تنفيذها لمشروعها القومى العملاق لاستصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان ، لابد وأن يكون لمثل هذه المشروعات الأولوية … خاصة وأن لهذه النباتات التي حبا الله بها مصر مميزات تتمثل فى قلة تكاليف عمليات الإنتاح وسهولة معاملات ما بعد الحصاد نسبياً والقابلية للتخزين لفترات طويلة نسبياً بالمقارنة بمحاصيل الخضر والفاكهة ، وكذلك سهولة تسويقها محلياً وعالمياً ، هذا بالإضافة إلى قلة حاجتها لمياه الري وعوائدها المجزية وعدم وجود سقف تصديري لمنتجاتها ، وهى أسباب كافية حتي يقبل علي زراعتها ملاك المساحات الصغيرة والكبيرة .